الأسماء والألقاب
مالك هو كبير خُزّان جهنم، وقد ورد اسمه صريحًا في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ (الزخرف: 77). اسمه مشتق من الجذر الذي يعني "الملك" أو "السيطرة"، وهو ما يعكس سلطته على النار ومن فيها. يُعرف غالبًا بـ"خازن جهنم" أو "ملك النار". بخلاف الملائكة الآخرين الذين ترتبط مهامهم بالرحمة أو الوحي، فإن مهمة مالك تمثل جانب العدل الإلهي والجزاء.
الدور والوظيفة
يتولى مالك الإشراف على جهنم (النار) وعلى الملائكة الذين يحرسونها، وهم الزبانية. يقوم بتنفيذ العقاب وفقًا لما قضى الله به، دون زيادة أو نقصان. ليست وظيفته التعذيب من أجل الانتقام، بل حفظ ميزان العدل. يذكر القرآن أن أهل النار ينادونه طالبين الراحة، فيجيبهم بالحق: ﴿إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ (الزخرف: 77). وصمته وثباته يرمزان إلى الحياد الإلهي — جزاء يُنفذ بعدل، بلا انفعال ولا رغبة في الانتقام.
الهيئة والقوة
يُصوَّر مالك في الروايات الإسلامية بأنه مخلوق ذو قوة هائلة ورباطة جأش لا تهتز. لا يبتسم ولا يتراجع. تصفه الأحاديث بأنه محاط بالنار لكنه لا يتأثر بها، مجسدًا السيطرة وسط الغضب. نظرة منه وحدها تُرعب أهل النار، وهو يقود جيوشًا من الملائكة، لكل منهم قدرة تفوق تصوّر البشر — قادرون على تنفيذ أمر الله على أمم بأكملها دفعة واحدة.
الصفات والسمات
يرمز مالك إلى الانضباط والصبر والعدل النزيه. لا يتصرف بدافع الغضب أو الشفقة، بل فقط بأمر الله. طبيعته جادة وثابتة؛ فلا يفرح كالملائكة الرحمة، ولا يحزن. يعكس صفة الله في المحاسبة — أن لكل عمل وزنًا، ولكل ظلم نهاية. صمته في حواره مع أهل النار في القرآن لا يدل على القسوة، بل على سكون الحكم النهائي.
الحدود والصلاحيات
تمتد سلطة مالك فقط داخل نطاق جهنم وبقدر ما يشاء الله. لا يستطيع أن يعاقب أكثر مما قُدِّر، ولا أن يعفو عما حكم الله عليه بالعذاب. قوته في طاعة لا في استقلال. حتى في النار، تظل طاعته لله مطلقة، وضبطه لنفسه دليل على أن غضب الله نفسه منضبط ومنظّم، لا فوضوي.
الدلالة والمعنى
يمثل مالك تذكيرًا بأن الرحمة والعدل الإلهيين ليسا متضادين، بل متكاملين. فدوره يُكمل ميزان الوجود — إذ لا معنى للرحمة إن لم يكن هناك حساب. يعلّمنا أن الأفعال تمتد آثارها إلى ما بعد الحياة، وأن حتى العقاب، حين يُنزَع منه الانتقام، يصبح وجهًا من وجوه الحق. وفي ثبات مالك في أداء واجبه درسٌ في الطاعة: أن حتى النار يمكن أن تطيع إذا أُمرت بأمر الله.
