أولم يقل

أولم يقلأولم يقل

  • الرئيسية
  • الخالق
  • الخلق
  • الرسل
  • النصوص
  • المنظورات

يقف الإنسان عند نقطة التقاء الأرض بالروح — مخلوق من طينٍ نُفخ فيه من روحٍ إلهية. أجسادنا تخضع لقوانين الطبيعة، لكن عقولنا وقلوبنا تتطلع إلى ما وراءها من معنى. في الخلق، يحمل الإنسان أمانة فريدة: حرية الاختيار، وقدرة المعرفة، ومسؤولية العمل عن وعيٍ وغاية.

يفسّر العلم كيف نعيش، بينما يبيّن الوحي لماذا نعيش. إن فهم خلق الإنسان هو إدراكٌ أننا لسنا مصادفةً بيولوجية، بل كائنات خُلقت عمدًا لتعرف وتعبد وتعكس صفات خالقها.

خلق الإنسان

يبدأ خلق الإنسان بإعلانٍ إلهي — لا عن دهشةٍ، بل عن قصدٍ وحكمة. قال الله للملائكة: ﴿إني جاعل في الأرض خليفة﴾ (البقرة: 30). وكلمة "خليفة" تحمل معنى المسؤولية والتكليف والاستخلاف في الأرض بالعدل والإعمار.

تساءلت الملائكة، التي لا تعرف إلا الطاعة، كيف لمخلوقٍ تحكمه الرغبة والإرادة الحرة أن يحافظ على النظام؟ لكن الله ذكّرهم بأن حكمته ترى ما لا يرونه — فخلال مسيرة الإنسان ستتجلّى المعرفة والرحمة والتوبة.

آدم وحواء

خُلق آدم وعلّمه الله الأسماء كلها — أي جوهر الأشياء ومعانيها — وكرّمه بالعلم الذي لم يُعطَ للملائكة. ثم أسكنه الله مع زوجه حواء في الجنة، دار السلام والرخاء، وقال لهما: «كُلا منها رغدًا حيث شئتما، ولا تقربا هذه الشجرة»، فهي حدٌّ للتجربة لا حرمان. فحتى الحدود جزء من التعلّم.

فوسوس لهما الشيطان، مدفوعًا بالحسد والعصيان — لم يُكرهْهما، بل أغواهما بالوهم. وعدهما بما تشتهي القلوب المتكبرة: الخلود والرفعة. قال: ﴿ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين﴾(الأعراف: 20). فاستمعا، وزلّا، وذاقا من الشجرة. كانت لحظة ضعفٍ بشري، لا تمرّدٍ متعمّد. فأدركا خطأهما وتابا بندمٍ صادق.

ثم جاءت الهبة التي تُميّز الإنسان — التوبة. علّم الله آدم كلمات الاستغفار، فتاب عليهما. لم تكن الخطيئة نهاية القصة، بل بداية الهداية. أُنزلا إلى الأرض — لا عقوبة، بل تنفيذًا للخطة الإلهية. ليعيشا ويعمرا ويخطئا ويتوبا، ودائمًا يبقى طريق الرحمة مفتوحًا أمامهما.